تدافع الناس شيبا وشباباً في يوم الخميس الموافق ١٤/١١/١٤٢١هـ على جامع الأمير سلمان بن محمد في الدلم للصلاة على جثمان فقيد القرآن والزهد، فضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عثمان بن هليل رحمه الله.
والشيخ صالح رحمه الله من مواليد الدلم في عام ١٣٢٧هـ وحفظ القرآن عن ظهر قلب في وقت مبكر على يد والده الشيخ عبد العزيز بن هليل رحمه الله الذي كان أحد رجال العلم والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آنذاك. ثم بدأ الشيخ صالح رحمه الله الدراسة على والده في جامع العذار في الدلم في عدة كتب منها كتاب التوحيد وشرحه وكشف الشبهات وغيرها.
وفي عام 1342ه سافر الى الرياض وتتلمذ على سماحة الشيخ محمد بن ابراهيم آل الشيخ مفتي عام المملكة آنذاك رحمه الله لمدة أربع سنوات ثم عاد الى بلده الدلم.
وعندما كلف سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله قاضيا للخرج عام ١٣٥٧هـ ومقر اقامته في الدلم لازم الشيخ صالح دروسه في جامع الدلم واستفاد منه، وكان يحضر مشيا على الأقدام هو ومجموعة من طلاب العلم من العذار الى جامع الدلم قبل صلاة الفجر لحضور الدروس ولمسافة تزيد على خمسة كيلومترات.
ولما نبغ في فنون العلم الشرعي كلف بالقضاء في وادي الدواسر عام ١٣٧١هـ لمدة خمس سنوات، ثم نقل قاضيا في الأفلاج لمدة خمس سنوات كذلك ، ثم كلف بالعمل قاضيا في الرياض لمدة خمس سنوات كذلك.. ثم كلف بالقضاء في حوطة بني تميم لمدة اثنتي عشرة سنة حتى أحيل على التقاعد في عام ١٣٩٥هـ.
وقد اتصف رحمه الله طيلة حياته واشتهر عند الناس بالحلم والأناة حتى ان الخصوم ليرفعون أصواتهم عنده ولا يغضبه ذلك.
وقد ذكر من حلمه موقفا يدل على ذلك حيث ذكر انه طرق باب منزله في احدى المرات ليفتح له أهله ولكنهم لم يسمعوه فجلس على عتبة الباب وقرأ ستة أجزاء من القرآن.
وقد حبب اليه رحمه الله تلاوة القرآن ليلا ونهاراً بل وفي المجالس عندما ينصرف الجالسون للحديث مع بعضهم البعض، وتلاوته للقرآن حفظاً عن ظهر قلب، ومع ذهاب نور عينيه في عام ١٣٨٣هـ فانه لم يتأثر بذلك بل ازداد إقبالا على تلاوة القرآن فقد كان يختم القرآن كل شهر ثم لما تفرغ من العمل أخذ يختمه كل ثلاثة أيام وأحيانا كل يومين.
كما كان رحمه الله سريع البديهة فعند قراءة المعاملة عليه في المحكمة يعرف أبعاد القضية كاملة بدون اعادة قراءتها مرة ثانية.. و قد برع في علم المواريث ولديه مقدرة عجيبة في القسمة بصورة سريعة حتى لو كان الموضوع شائكا.
وللشيخ صالح رحمه الله خط جميل حيث كان يسجل بعض الوثائق والمبايعات قبل ان يكف بصره.
والشيخ صالح رحمه الله صاحب طرفة بدون تكلف ويحفظ من الشعر طرائفه فيتحفك بما هو مفيد ويبعث السرور في النفس.
وقد عاش رحمه الله زاهدا عن مباهج الدنيا فلم تشغله عن طاعة الله وتلاوة القرآن فقد كان متواضعا في كل شيء في مسكنه وملبسه.. فرحم الله فقيد الزهد والقرآن وجعل في ذريته من يخلفه على نهجه وغفر لجميع المسلمين ووالدينا.
اضف تعليقا