محمد بن عبدالرحمن بن حسين آل إسماعيل: هذا كتاب يقع في 463 صفحة من القطع المتوسط أهداني إياه مؤلفه الأستاذ الأخ الكريم كتاب جمع بين دفتيه بين القديم والحديث مع التوثيق والصور والدلم هي عاصمة الخرج البلدة المحببة إلى النفوس بتاريخها القديم والحديث وللأحساء ارتباط قديم بالدلم وبينهما تشابه في الطبيعة وروابط قربى ففي الخرج العيون الشهيرة فقد كانوا في الماضي يضعون « التبن بعد صبغة بالأحمر « ثم يضعونه في مجرى الماء في عيون الخرج وبعد ذلك يخرج في عين الخدود العين الشهيرة في الأحساء وقد اشتهرت بالبطيخ الأحمر «الجح» «الحبحب» المدور الشكل رقيق القشرة بأحجام كبيرة لا يستطيع حملها الرجل وبأحجام صغيرة مقدار كف الرجل المعتدل الخلقة وكله أحمر وكله حلو فقد كان يصدر إلى كل مكان وكانت تأتي به السيارات يومياً إلى سوق الأحساء بجوار مزرعة الغبيبة شمالي مستوصف عزيز ويباع بأرخص الأثمان حيث يأكله الغني والفقير ففيه الحبة الكبيرة تصل قيمتها ريالين وفيه خمس حبات بريال واحد.

وعرف الخرج وفيه مشاريع زراعية وحيوانية وفيه المشتل الذي يزدحم بالناس خصوصاً يوم الجمعة حيث أقيم فيه جامع للمتنزهين وقد زرته عام 1383هـ فكان روعة في الجمال حيث أنه مقسّم إلى وحدات محاطة بأسوار لترتاح فيه الأسر رجالاً ونساء كذلك عرفت بأنها بلاد ذات عراقة علمية ففيها فقهاء اشتهروا قديماً بالفقه الحنفي كآل خنين وآل عتيق (1) وآل مسلم وآل يمني وآل قرين في حي الكوت قراء ومعلمون وخرج فيها الشعراء والأدباء وفيها نشأ وترعرع الشاعر الأحسائي جمال الدين بن مقرب العيوني حيث أخواله بنو حنيفة قد تغنّى بها والأخ المؤلف جزاه الله خيراً أتى على كل هذا وذكر مسيرتها النهضوية ومجيء سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله ودوره الكبيرة في مواصلة نشر العلم فيها.

لنستمع إلى ابن المقرب وهو يخاطب قومه قائلا ً:

فلم يبق إلاَّ أن تزم ركائبي
ويصبح كيد بيننا وسنام
فخير من الأحساء إن دام عتبكم
أشي ووادي منهم ونعام
وما ذاك مني باختيار ولا رضا
ولكن يحل الشيء وهو حرام

موقع في اليمامة بوادي الوشم – ومنهم يعني ملهماً وبلدة نعام معروفة وفي الأحساء كثير من الأسر من نعام في طريق الذاهب إلى حوطة بني تميم ومنهم بيت « أبو حيمد « بيت واحد منهم إمام جامع موسى بن نصير الأستاذ سعود بن عبدالعزيز أبو حيمد قدم جده من نعام وفي البيت الأخير يشير إلى القاعدة الشرعية الضرورات تبيح المحظورات.

ص183 في ذكره تلاميذ سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله.

ذكر الشيخ سليمان بن عبدالله بن حماد.

قال المؤلف حفظه الله: «وكان يقرأ على الشيخ الكتب التي سيلقي فيها دروساً في اليوم التالي. عمل في التفتيش القضائي حتى أحيل إلى التقاعد. انتهى.

أقول: هذا العالم ذكره كذلك الشيخ إسماعيل بن سعد بن عتيق في كتابه «الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ» وذكر بأنه يقرأ على الشيخ بعد الظهر وحده وكان يعمل في دار الإفتاء.

أقول: هذا العالم غمط حقه وأنكر فضله وحده ممن هم أقل منه علماً وعملاً وأصغر منه سناً ممن لن يأخذ عن علماء بل اكتفى بالدراسة النظامية.

أقول: هذا العالم عرفته منذ عام 1382هـ رحمه الله يحب الخمول ولا يعتني بمظهره ولا بشكله وكما يقول العامة بسيط في كل أمور حياته صاحب صلاة وصاحب قيام ليل حتى ولو جاء من سفر حتى وهو مرهق هذا العالم لم يحمل همَّ الدنيا ولا زخارفها فهو عالم قدوة مرتبة في حينه ينفق إنفاق من لا يخشى الفاقة ولذا لم يبن كما بنى غيره قصراً ولا عمارة بل في آخر حياته اشترى بيت الشيخ الفقيه محمد بن عبدالمحسن الخيال رحمه الله بعد وفاته والبيت قديم في حي عليشة اشتراه بالأقساط.

2 – الشيخ لم يمد يده لأحد ولم يذل نفسه.

3 – طمع فيه الناس عامة والفقراء خاصة فعاملهم على ظنهم فيه فما كان يرد سائلاً مهما كان طلبه.

4 – متواضع إلى حد لا أستطيع تصوره الآن رحمه الله يحمل حاجته على كتفه وعلى رأسه.

5 – يجالس كل الناس.

6 – لا يتكلم فيما لا يعنيه ولا يتكلم في أحد حتى الذين قصروا في حقه وربما وقفوا أمام ترقيته.

7 – ليس عند والده غيره وكان والده رحمه الله شديداً فيه شدة الإخوان وصلابتهم وقد رأيته رجلاً طوالاً مهيباً جداً لا يلتفت ولا قيد أنملة.

8 – تفرغ الشيخ لطلب العلم منذ طفولته حيث أرسله والده من الرياض في حي دخنة أرسله إلى الدّلم واستأجر له منزلاً ولازم هناك سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله يقرأ عليه فكل الكتب التي أطلع عليها الشيخ عبدالعزيز كان الشيخ سليمان هو الذي يقرأها له ويحضرها.

9 – درس في كلية الشريعة وله من الأصدقاء الذين رافقهم في طفولته في طلب العلم معالي الشيخ راشد بن صالح بن خنين والشيخ عبدالرحمن بن جلال من الدلم.

10 – عمل الشيخ مدرساً وعضو إفتاء لمراقبة المنشورات والكتب والمحلات تحت رئاسة سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله.

وكان ينوب عن سماحته ابنه الشيخ عبدالعزيز رحمه الله يقول لي الشيخ سليمان: أنَّ الشيخ عبدالعزيز لم أعرف عنه أنه كذب مرة لا صادقاً ولا مازحاً ثم عمل في رئاسة القضاة قبل أن تكون وزارة عدل.

11 – هذا العالم الجليل لم يقل لي يوماً بأني درست أو قرأت أو رويت ولم أعلم أنه قرأ على سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله إلاَّ من كتاب الشيخ الفاضل اسماعيل بن عتيق حفظه الله.

12 – هذا العالم لو تجلس معه مدى أربع وعشرين ساعة فإنك لا تمل الجلوس معه فهو فقيه النفس ومحدث ومؤرخ وشاعر وأديب ولغوي ولسانه ينضح علماً ينتقل بك من مادة إلى مادة دون أن تشعر بالملل فلو حلفت بأنني لم أر مثله زهداً وعلماً وتواضعاً وإنفاقاً لما حنثت.

13 – أصيب رحمه الله بجلطة دماغية تكررت عليه حتى توفاه الله جمعنا الله وإياه بعد عمر طويل وعمر صالح في جنة النعيم. آمين.

ذكر لي هذا العالم قصة قال تعود لما كنا في الدلم أن الشيخ عبدالعزيز يرسلنا إلى مساجد الدلم نصلي بهم التراويح وقيام الليل يقول: ذهبت لصلاة القيام ووافق ليلة العيد وأنا على حمار من القرية يقول: وأنا في الطريق فوجئت بأنَّ الحمار تغير مشيه ووقفت أذناه فعرفت بأنه رأى شيئاً وإذا بي أرى بياضاً يقول لي ارجع فإن هذه الليلة ليلة العيد يقول الشيخ سليمان مشيت وتركته ثم اعترضني وقال لي إذا وصلت مسجد آل ثواب تعرف أنَّ الليلة عيد يقول لما وصلت المسجد وإذا بهم يقولون لي الليلة العيد يقول لمّا رجعت أخبرت الشيخ عبدالعزيز فيقول سأل الشيخ عبدالعزيز فقالوا ليس عندنا مسجد بهذا الاسم ثم بعد مدة جاء رجل كبير السن وقال للشيخ: نعم هذا المسجد الذين أسسوه أسره آل ثواب ولكن هذا الاسم اختفى مع طول المدة.

** ** **

(1) أجداد الشيخ أحمد بن عبدالعزيز العتيق القاضي في محكمة الأ؛ساء سابقاً المتقاعد. وهم شركاء في بعض الأوقاف التي أوقفت على الفقهاء الحنفيين في الأحساء.

 

المصدر