عبدالعزيز بن ناصر البراك: منذ أن قمت بتأليف كتاب علماء وقضاة الدِّلم وكان من ضمن هؤلاء العلماء الشيخ راشد بن محمد بن خنين الحنفي والمعلومات المتوافرة عن هذا العالم الشهير والمحدث الضليع في علم الحديث والأديب العالم باللغة العربية نظماً ونثراً أقول: إن المعلومات المتوافرة عن هذا الشيخ العلم شحيحة، بل إن ما وجدته مكتوباً عنه من معلومات قليلة كانت مجانبة للصواب، ولا تستند على وثيقة مكتوبة عنه من معلومات قليلة كانت مجانبة للصواب ولا تستند على وثيقة مكتوبة أو نص تاريخي معاصر له يستنبط منه موقف الشيخ راشد بن خنين من الدعوة الإصلاحية التي قام بها الشيخ محمد بن عبدالوهاب؛ إذ كان معاصراً له. فجاءت المعلومات مشوشة وغامضة وسجل عنه مواقف غير صحيحة وصلت إلى حد قولهم إنه كان معارضاً للدعوة الإصلاحية ورحل من بلده إلى الأحساء.
عندئذ عزمت على البحث في سيرة هذا الشيخ العلم متتبعاً ما كتب عنه ثم قمت بعد ذلك بدراسة الوثائق التي كتبها فوجدت أن بدايتها في عام 1163هـ حتى نهاية عام 1119هـ فكانت تلك هي أولى مفاتيح الاستمرار لمواصلة البحث الذي أتضح من خلالها بأن الشيخ راشد بن خنين بقي في بلده الدِّلم بالخرج حتى قبيل وفاته ووفاة الشيخ محمد بن عبدالوهاب بست سنوات. وبعد ذلك قمت بمسح شامل للنصوص التاريخية المعاصرة لكلا الشيخين وقمت برصدها وتحليلها باعتبارها شواهد تاريخية صادقة لتلك الفترة، فوجدت أنها لم تشر أو تذكر الشيخ راشد بن خنين بشيء مما أشيع عنه أو أنه قام بمعارضة الدعوة الإصلاحية أو سجل رسائل أو كتباً ضدها.
ولاستكمال البحث سافرت إلى محافظة الأحساء بالمنطقة الشرقية والتقيت الأستاذ الفاضل والباحث المتمكن/ عبدالعزيز بن أحمد العصفور الذي لم يبخل عليّ بشيء يفيد هذا البحث فكان أن أهدى إليَّ صور بعض المخطوطات التي عليها تملك لأحد أقرباء الشيخ راشد بن خنين في عام 1088هـ وهو كتاب على المذهب الحنفي موقوف على يد علي بن عبدالله آل خنين.
كما أمدني مشكوراً ببعض فتاوى الشيخ راشد وهو في الأحساء مذيلة بكلمة (حنفي). كما أمدني كذلك بإجازات الشيخ في علم الحديث بالرواية وإجازته لغيره من مشايخ الأحساء. وأحسن ما كشفه لي معلومة لو نشرت منذ زمن لا تضح لكثير من الباحثين والمؤلفين حقيقة موقف الشيخ راشد بن خنين من الدعوة الإصلاحية والشيخ محمد بن عبدالوهاب حيث قال الشيخ راشد: (إن الشيخ محمد بن عبدالوهاب على حق) وهذا الرأي جاء ضمن رسالة من الشيخ راشد للشيخ ابن فيروز في الأحساء وأثبتها الشيخ عبدالله بن سعد آل محمود من سكان رأس الخيمة وهي مخطوطة بعنوان تحذير أهل الإيمان عما تضمنته رسالة ابن فيروز من البهتان. وستجد الرأي في بابه في ثنايا الكتاب.
عندئذ اتضحت لدي الرؤية وانزاح غبش الرأي المبني على الظنون والأوهام ولازم أقلام الكتاب والباحثين مدة طويلة، وهم يرددون رأياً واحداً هو أن الشيخ راشد بن خنين كان معارضاً للشيخ محمد بن عبدالوهاب وعليه فقد رحل من بلده إلى الأحساء، وهذا خطأ فادح كما ستلاحظه عند قراءة هذا البحث كاملاً.
أما قصيدة الشيخ القافية والتي رأى بعض الكتاب أنها موجهة للشيخ محمد بن عبدالوهاب فهذا غير صحيح فالقصيدة ليست في الرد على الدعوة ولم يذكر فيها اسم الشيخ محمد بن عبدالوهاب. فهي في الزهد والأمر بالمعروف ومحاربة البدع والقصيدة المتداولة هي (66) بيتاً حذف منها أربعة أبيات هي التي تحدث على زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم ولكني حصلت على القصيدة كاملة ومكونة من (82) بيتاً بخط اليد وكلتاهما مثبتة في بابه.
أما الوريقات الأربع المسماة تاريخ ابن خنين فهي دليل آخر على صحة ما ذهب إليه هذا البحث من عدم وجود خلاف بين الشيخين.
وأخيراً إليك قارئي الكريم المعلومات المدونة في هذا الكتاب عن الشيخ راشد بن خنين حيث قمت بإيراد كل المعلومات التي نشرت عنه وحقيقة موقفه ورحلاته في طلب العلم ودوره في التعليم والقضاء في الخرج وما نظمه من شعر كما أوردت جميع الحقائق التي تزيل اللبس والقول بدون علم لتتضح حقيقة هذا الشيخ العلم وذلك من خلال نقولات النصوص التاريخية والوثائق. كما أسهم هذا البحث في إبراز علم من أعلام الخرج في (الدِّلم) ممن طمست سيرته فترة طويلة وشابها ما شابها من افتراء وتهميش للرجل. مؤملاً كل من اطلع على هذا الكتاب أن يسهم بما لديه من معلومات جديدة أو وثيقة قد أكون قد قصرت في الوصول إليها: وبالأخص قصيدة الشيخ البائية في رحلته للحج.
والله الموفق.
اضف تعليقا