الجزيرة:
استضاف النادي الأدبي بالرياض الأستاذ الدكتور: عبدالعزيز بن سعود الغزي عالم الآثار المعروف وذلك للحديث عن تجربته في البحث والتنقيب عن الآثار, وقد أدار المحاضرة الأستاذ: محمد بن عبدالعزيز الفيصل عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية, حيث رحب بالحضور وألقى كلمة كشف خلالها جهود د.الغزي ومسيرته في البحث الأثري منوهاً بها, حيث دعا الجهات المعنية إلى تقدير مسيرة الغزي وتكريمه, وبعد ذلك استهل الضيف الأمسية بقوله: ((في مستهل الحديث عن تجربتي في العمل الأثري يجب، بل وحق عليّ، أن أشكر أخي الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الفيصل على دعوته ليّ لكتابة تجربتي في العمل الأثري الميداني والتي سوف تظهر في كتاب في القريب العاجل، كما أشكره أيضاً على مصداقيته وصدقه واحترافيته في العمل، وأتمنى له من قلبي وصادق مشاعري النجاح تلو النجاح.
في مجال العمل الأثري الميداني والاستطلاعي والجولات السياحية لي أكثر من خمسين جولة استطلاعية، وسياحية، وعمل ميداني مسحي وتنقيبي. اكتسبت من ذلك النشاط مهارات ودروسا عديدة في العمل الميداني وكامل مستلزماته، كما تعلمت منها دروساً في تنمية مهارة التعامل الفردي والجماعي وفهم أنفس الزملاء الراضية وتلك التي تحتاج إلى رضاء. ومن بين تجاربي الخمسين اخترت ثماني تجارب متنوعة لأتحدث فيها عما اكتسبته من العمل الميداني المهني.
تجربتي الأولى
في العمل الميداني في موقع الفاو في محافظة وادي الدواسر
حدثت التجربة الميدانية الأولى في الفصل الثاني لعام 1402هـ، عندما كان علينا كطلاب السنة النهائية أن نقضي الفصل الدراسي الأول من ذلك العام في موقع الفاو الذي يقع على بعد 750 كيلومترا إلى الجنوب من مدينة الرياض، وعلى بعد 70 كيلومترا إلى الجنوب من مدينة السليل من أجل إنجاز متطلب التدريب الميداني على استكشاف الآثار في المواقع ودراستها. فبدأنا العمل الميداني بالمشاركة في نصب المخيمات، ومن ثم قامت إدارة المعسكر بتوزيع الخيام على الطلاب والفنيين والأساتذة والقائمين على الحركة.
وكان يشرف علينا نخبة من الأساتذة يتصفون بالجد، والمحافظة على الوقت، ومصداقية الأداء، واحترافية التعامل؛ لذا كان الانضباط هو شعار فريق العمل وهو المنهج الذي يجب أن يتبع.كان برنامجنا يبدأ بصلاة الفجر، بعدها نتناول كأسا من الحليب أو الشاهي، ثم ننطلق إلى المدينة الأثرية موقع العمل. وكانت متطلبات التخرج تقتضي أن يتدرب الطالب على التنقيب؛ والتعامل مع اللقى الأثرية الثابتة والمنقولة في مواقعها: تسجيلاً، وتوثيقاً، وتصويراً، وقياساً، ورسماً. وعند الساعة التاسعة صباحاً نتناول طعام الإفطار لمدة نصف ساعة، ثم نعود للعمل مرة أخرى ونواصل عملنا الجهدي والعلمي حتى الساعة الثانية عشرة ظهراً، ثم نعود إلى المخيم لأداء صلاة الظهر، وبعد الانصراف نتناول طعام الغداء، ثم نأخذ قسطاً من الراحة حتى وقت صلاة العصر.
وبعد أداء صلاة العصر نعود إلى الموقع مرة ثالثة لنستكمل نواقص العمل، وعند اقتراب المساء نعود إلى المخيم لنؤدي صلاة المغرب، ثم نتناول طعام العشاء، وبعد صلاة العشاء كل يخلد في نوم عميق تحت أروقة تلك الخيام، وسواد الليل الحالك، وصرير الرياح، ولسع البرد القارس، والخوف الذي يخيم على الجميع من حدوث أمطار قوية، أو رياح عاتية، أو لا قدر الله هجوم قطيع من الذئاب التي عادة ما تختبئ نهاراً في جبال طويق القريبة من الموقع، وتهاجم خرافنا ليلاً، وقد يشملنا هجومها.
يستمر العمل وفقاً للبرنامج المذكور آنفاً لمدة شهرين، ثم نعود راجعين إلى الرياض، وكانت هذه التجربة بالرغم من قصرها إلا أنها أسهمت إسهاماً كبيراً في تشكيل الشخصية البحثية في تلك الدفعة التي يمثل خريجيها أكثر من 90% من أساتذة قسم الآثار في الوقت الحالي والذين أغلبهم على أبواب التقاعد.
تجربتي الثانية
في مواقع الخرج استعداداً لكتابة أطروحة الدكتوراه.
تخرجت من الجامعة عام 1403هـ ورشحت معيداً، وتعينت في ذات السنة، وفي عام 1404هـ ابتعثت إلى الولايات المتحدة الامريكية بعد أن قُبلتُ في جامعة بنسلفانيا في مدينة فيلادلفيا واستطعت، بعد أن أنهيت دراسة اللغة، أن اجتاز امتحان التوفل وأحصل على الدرجة التي أهلتني للالتحاق بالدراسة الأكاديمية في الجامعة، وخلال دراستي للمواد المطلوبة لدرجة الماجستير حدث للمشرف (البروفيسور جميس سور) أن أنتقل إلى جامعة أخرى في مدينة بوسطن؛ وحيث لم يكن قد اُعطي التنير ليضمن استمراره في الجامعة لمدة عشر سنين على الأقل، نصحني أن أبحث عن جامعة أخرى، وأشار إلي بجامعة لندن. فقمت بمراسلة الجامعة إلى أن حصلت على قبول من معهد الآثار في جامعة لندن، فانتقلت إليها عام 1406هـ، وبدأت بدراسة بعض المتطلبات، ونفذتُ عدداً من الأبحاث، فرقيت إلى درجة الدكتوراه، فكان لزاماً عليّ أن أقوم بعمل ميداني في المملكة العربية السعودية لأحصل على مادة عينية أثرية جديدة من مواقع موثقة تكون هي مادة الدكتوراه، فوقع اختياري على محافظة الخرج وتحديداً موقع حزم عقيله في الشمال الشرقي لحوض الخرج، وموقع الخضرمة بجوار بلدة اليمامة التراثية في الجزء الشرقي لحوض الخرج، وموقع عين الضلع بالقرب من بلدة الراشدية في وسط حوض الخرج، فوافقت جامعة لندن، وجامعة الملك سعود، ووكالة الآثار والمتاحف على قيامي بهذا العمل. بدأت بالعمل الميداني عام 1988م وكانت بدايتي بزيارة جميع المواقع المعلومة في محافظة الخرج من خلال المسح الأثري الذي سبق أن قامت به وكالة الآثار والمتاحف عام 1998م. ووفقاً لنتائج المسح المنشورة وقع اختياري على ثلاث مواقع لإجراء التنقيبات، وهي: موقع المستوطنة الهلنستية بالقرب من عين الضلع، وموقع الخضرمة في اليمامة، وموقع حزم عقيلة إلى الشرق منه بأربعة كيلومترات. وكانت بداية العمل في موقع المستوطنة الهلنستية بالقرب من عين الضلع.
اخترنا فراغا مربعاً تحدده أربعة الواح حجرية للنزول فيه، وتنظيف سطحه، نزلنا بالحفر إلى قرابة المتر والنصف عندها وقف علينا رجلٌ يقود سيارة داتسون ونيت، وطلب منا التوقف عن العمل مدعياً أن الأرض ملك له وأظهر غضباً تبين ليّ أن مجاراته سوف تقود إلى نتائج وخيمة، ولذا فضلنا ترك المكان والتوجه إلى موقع حزم عُقيلة.
وبعد أن تركنا الموقع مجال الحديث نتيجة للخلاف مع من ادعى أنه يملكه، وخوفاً من عواقب الخلاف التي غالباً ما تكون سيئة، ذهبنا إلى موقع حزم عقيلة الذي يقع على بداية طريق الخرج-حرض وخارج المدينة في الركن الشمالي الشرقي لحوض الخرج. قمنا بمسح الموقع وجمعنا منه ملتقطات سطحية شجعتنا على إجراء تنقيبات فيه، بدأنا عملنا التنقيبي وبعد نصف نهار اضطررنا إلى التوقف نتيجة لظهور مالك للمكان.
بعدها توجهت إلى موقع الخضرمة الذي تملك وزارة التربية والتعليم (المعارف سابقاً) جزءاً منه وقد أحاطته بسياج حديدي حماية له من عبث المارة والحيوانات، أمضيت في هذا الموقع شهرين كاملين سكنت خلالها في دور من فلة استأجرته في بلدة اليمامة حيث يقع موقع الخضرمة. كان مقرنا كافياً لحاجتنا، فكونا فيه استديو تصوير، ومكانا لغسل الملتقطات الأثرية، ومكانا لسكنى العمال والفريق العلمي والفنيين مثل المساح والمصور والرسام. وقد اشتمل عملي على إجراء مسح كامل للموقع، صاحبه حفر ثمانية أسبار اختبارية مختلفة القياسات وزعناه على جميع أنحاء الموقع، وقد حصلنا على مادة أثرية جيدة وقد شملت مصنوعات معدنية كالخواتم والمحابس، وقطعتي عملة من فترة ما قبل الإسلام، وأصداف بحرية ومجموعة من أساور مصنوعة من عجينة الزجاج وكذلك مجموعة من الخرز وكمية كبيرة من الكسر الفخارية، ومظاهر معمارية، وتسلسل طبقي جيد. كونت تلك المواد موضوع رسالة الدكتورة.
تجربتي الثالثة
في موقع عيني فرزان كأول مشروع ميداني: مسحي وتنقيبي أقوم به لوحدي.
بعد حصولي على الدكتوراه عام 1410هـ/1990م رقيت إلى درجة أستاذ مساعد، وشاركت عام 1992هـ مع فرق التنقيب في قرية الفاو كمنقب ومدرب لطلاب التنقيب لمدة شهر، وبعد مدة قدمت على عدة جهات لدعم مشاريع علمية ميدانية لقي واحد منها أذناً صاغية من دارة الملك عبدالعزيز. والمشروع عبارة عن عمل ميداني مسحي وتنقيبي في موقع للمدافن الركامية الحجرية في عيني فرزان، وهو من أكبر مواقع المدافن الركامية في المملكة العربية السعودية المكتشفة حتى الآن. لم يكن العمل في ذلك الموقع سهلاً نظراً لكونه مشتتاً في ملكيات خاصة، فهو جزء من مخطط استراحات بيع على الأهالي قبل أن نبدأ عملنا، بالرغم أن جله منطقة جبلية وعرة؛ وعندما بدأنا العمل تعرضنا لمضايقات من بعض الاشخاص الذي يدعون ملكية الأماكن التي حدث أن وجدونا فيها، وهي لاشك مملوكة؛ ولكن ضخامة الموقع وعدم وجود دراسات عليه حتمت علينا أن نجابه ملاك الأرض بالإغراء، وشرح محاسن العمل، وتبيين أن العمل مؤقت وسوف ينتهي، ومع ذلك لم يدعنا الأهالي أن نستمر في العمل، فتشاورت مع بعض الإخوة لشراء أفضل جزء في الموقع من المالك الأصلي وهو عبارة عن ظهر كتلة جبلية تبلغ مساحتها 140 ألف متر مربع فعرضت الفكرة على بعض الإخوة وتبنى الموضوع الدكتور عبدالعزيز بن عبدالله بن لعبون وباشر بإنهاء الاجراءات ولذا أطلقنا عليه (جبل ابن لعبون)، وكان مكاناً جميلاً في العمل فنصبنا فيه خيمة وبدنا العمل الميداني الحقيقي المريح والآمن فبعد مسحه كاملاً ورفعه مساحياً، اخترنا ثمانية عشر مدفناً ركامياً موزعة على أجزاء الموقع، وقمنا بتنقيبها، وحصلنا من ورائها على مادة أثرية جيدة مكنتنا من نشر مجلد يعتبر من الأعمال النادرة في وسط المملكة العربية السعودية.
ومن ضمن المشروع قمنا بأعمال مسحية للمنشآت المائية في محافظة الخرج، وبشكل خاص ما يتصل منها بمصادر المياه الدائمة، وركزنا العمل على قنوات الري في عيني فرزان والتي تمتد لمسافة ستة أميال لتنتهي في الأرض الخصبة في بلدة السلمية وتسقي المزارع هناك؛ كما قمنا بجمع ملتقطات سطحية ودراسة معمارية للمهابط والقناة ذاتها، بعد مدة قصيرة أخرجنا نتاج المشروع في مجلد زاد عدد صفحاته على 600 صفحة.
تجربتي الرابعة
في إنجاز المرحلتين الأولى والثانية لمسح وادي حنيفة.
بعد الانتهاء من هذا المشروع ونشر الدراسات راودتني فكرة مسح وادي حنيفة ذلك الوادي الشهير الذي اسمه باسم قبيلة شهيرة وأحداث تاريخية جسام، وبدأت في الكتابة في جريدتي الرياض والجزيرة لتبيين أهمية مسح هذا الوادي، وتتبع مساره، لأنه من الأودية القليلة التي تنطلق من مسايل وتنتهي في رياض دون انحناءات قوية، فهو يسيل من حافة العالم على بعد ما يقارب 50 كيلو متراً إلى الغرب من بلدة العيينة، ثم ينحدر بمجرى مستقيم تقريباً إلى أن يلاقي رحبة الحيسية، ثم يلاقي مياه وادي بوضه. بعدها ينعطف شرقاً ثم جنوب-شرق ويستمر متجاوزاً الرياض وقراها إلى أن يدخل الركن الشمالي لحوض الخرج بعد تركه بلدة الحائر يفرغ حملته من الماء في ويتسبب في وفرة المياه في روضة السهباء.
فجاء التوجيه من صاحب السمو الملكي سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بتشكيل فريق علمي لدراسة ومسح المواقع الأثرية على امتداد وادي حنيفة، وكلفت بتولي رئاسة هذا الفريق وأنجزنا حتى الآن موسمين، خصص الموسم الأول لتحديد مواقع وأنواع الظواهر الأثرية الموجود على امتداد الوادي، وفي ذلك الوقت تمكنا من حصر أربعمائة وستة وأربعين معلماً أثرياً تغطي فترات زمنية مختلفة. وفي الموسم الثاني قمنا بإجراء دراسة متخصصة لفترة العصور الحجرية والتي هي أقدم فترة شهدها الوادي مع مسح لروافد للوادي لم نتمكن من مسحها في الموسم الأول، وكانت نتائج هذا الموسم مبهرة.
تجربتي الخامسة
في المشاركة في إنجاز المواسم الخمسة الأولى 1431هـ-1436هـ من أعمال البعثة السعودية-الفرنسية المشتركة في محافظة الخرج.
في نفس الوقت الذي كنت أعمل فيه في مسح وادي حنيفة، أسندت إلي مهمة رئاسة البعثة السعودية الفرنسية المشتركة لإجراء دراسات ميدانية في محافظة الخرج، وكانت بدايتها عام 1432هـ, واستطعنا أن ننجز خمسة مواسم حتى الآن شملت موقع الخضرمة في الجزء الشرقي لحوض الخرج بالقرب من بلدة اليمامة وعدد من المستوطنات الاسلامية الزراعية في وادي نساح عند مدخله لحوض الخرج، ومواقع العصور الحجرية في جبال الشديدة حيث وجد تسلسل طبقي يفيد بوجود الإنسان في حوض الخرج قبل خمسين ألف سنة. وشمل المسح أيضاً المدافن الركامية في عيني فرزان وموقع المدافن الركامية في الرفائع، والمدافن الركامية في موقع خفس دغرة، وموقع المدافن الركامية عند عين الضلع، ومستوطنة حزم عقيلة على طريق الخرج-حرض عند بداية انطلاقته من الخرج، ولايزال العمل مستمراً في هذا المشروع.
تجربتي السادسة
في زيارة ومسح آبار البعايث في نفود السر.
في يوم 26/8/1429هـ قمت بصحبة أ.د. عبدالعزيز بن عبدالله بن لعبون أستاذ الجيولوجيا في جامعة الملك سعود وعبدالله بن صالح العمار بزيارة للمهندس عبدالله الحنايا في استراحته البرية بالقرب من أم رقيبه وأمسينا عنده، وفي الصباح الباكر توجهنا إلى بلدة الزلفي لنأخذ معنا الشيخ عبدالعزيز بن محمد الغزي من منزله ليكون هو الدليل نظراً لمعرفته بالأرض. سرنا من مدينة الزلفي عبر الخط المزفلت شمالاً إلى أن وصلنا إلى نهايته بعد السير تسعين كيلاً. ثم انعطفنا نحو الشرق عبر الرمال متوجهين مع خط عليه أثر السيارات آملين أن نصل إلى مكان الآبار وصف أ. خليف العيد الذي زارها قبلنا. سرنا حسب الوصف ولكن الأرض تتشابه فكلها فجوج ومرتفعات رملية كأنها الجبال في ارتفاعاتها، فاحترنا إلى أين نذهب؛ وزاد الأمر سوءاً أن سيارتنا غطست في الرمال أكثر من مرة وكانت الغطسة الأسوأ عندما دخلنا في أرض لينة جداً.
وبعد إخراج السيارة من الرمل، استمررنا في السير، ولكن بدأ الخوف يدب فينا، فالماء كاد ينفد، والزاد لا نملك منه شيئاً. كان أملنا أن نصل إلى الآبار، وأن نعرف طبيعة وجودها، وطبيعة الأرض التي توجد فيها، وهل فيها ماء أم أنها قد غارت. مررنا راعي أغنام من الجنسية السودانية، فتوقفنا عنده لنسأله إن كان يعرف مكان الآبار أم لا، فأخذ يصف لنا الطريق وأشار إلى أن موضعها غير بعيد، ولكن الوصف شيء والحقيقة شيء آخر. طلبنا منه أن يصحبنا ويوقفنا على مكان الآبار ثم نعيده إلى مكان أغنامه حول الغرفة الصندقة التي يضع فيها حاجاته لكنه رفض. اقترحنا عليه أن نضع أحدنا عند أغنامه حتى نرجع لكنه رفض أيضاً؛ فما كان علينا إلا السير حسب وصفه، فسرنا مع سكك الوايتات حتى نزلنا في الخل الذي تنتشر فيه الآبار ولكنها ليست آبار البيصية بل آبار البعايث وقد عرفنا ذلك بعددها الأقل.
تجربتي السابعة
المشاركة في مسح وتنقيب موقع الخرية في محافظة العلا.
شاركت في حفريات جامعة الملك سعود في موقع الخريبة في محافظة العلا. شاركت فيها كمنقب ميداني في المستوطنة القديمة عام 1426هـ، عندما قمت بمسح منطقة انتشرت عليها الكسر الفخارية بكثافة، ويكثر فيها الرماد مما يوحي بأنها منطقة مخصصة لصناعة الأواني الفخارية وشوائها في أفران مشيدة لهذا الغرض نتجت عن تنظيفها تلك الكمية الكبيرة من الرماد.
وشاركت في فرق العمل الميدانية خلال رئاستي لقسم الآثار من عام 1427هـ وحتى 1431هـ ولمدة أربعة مواسم بدأت بعام 1427هـ وانتهت بعام 1431هـ. وخلال هذه المدة كنت أقوم بزيارات للعمل الميداني من وقت لآخر، كما شاركت في كتابة نتائج العمل خلال المواسم الأربعة 1427هـ-1431هـ، كما شاركت في تحرير نتائج السبعة المواسم الأولى بالمشاركة مع زميلي عميد كلية السياحة والآثار الأسبق أ.د. سعيد بن فايز السعيد.
تجربتي الثامنة
في مسح واستطلاع المواقع الأثرية في محافظة عودة سدير.
بدعوة كريمة من الأستاذ محمد بن عبدالعزيز الفيصل قمنا مع بعض المتخصصين بزيارة علمية لعودة سدير واطلعنا على أهم معالمها التراثية ومنشآتها المائية ومواقعها الأثرية. إن المدينة عالم آخر غير العالم الذي نعيش فيه يعود بك إلى أيام بعيدة، فجصص تمرها، وصناديق حمامها، ودورات مياهها، ومطابخها، وأزقتها. إنها مدينة تقليدية اتسمت بمعالم حضارية حديثة. من يزور تلك البلدة يشعر بأن موعد النوم بعد صلاة العشاء، وأن الاستيقاظ قبل أن تغرد العصافير، وأن اليوم يبدأ بالنشاط والحيوية، فالنوم الكافي يولد ذلك.
كما أمضينا وقتاً في تفحص حصن يُطلق عليه حصن غيلان، والحصن مشيد بالحجارة وبارتفاع عال جداً يتجاوز سبعة أمتار. ويشكل الحصن جزءاً من سور يحيط ببلدة عودة سدير التراثية، ولكن ليس من المؤكد إن كان الحصن أقدم من سور البلدة التراثية أم معاصر له، ونرجح أنه أقدم، لاختلاف مادة البناء، والارتفاع، وقوة التشييد ووجود بئرين داخل الحصن.
وفي نهاية المحاضرة فتح باب المداخلات التي أثراها الحضور, ومن أبرز المداخلات مداخلة الأستاذ الدكتور: إبراهيم الشتوي, والأستاذ بندر بن عثمان الصالح, والأستاذ الدكتور سليمان الذييب الذي شكر الدكتور الغزي على محاضرته وأثنى عليها وطلب باسم الحضور أن يتكفل النادي الأدبي بطباعة محاضرة د.عبدالعزيز الغزي في كتاب باسم النادي الأدبي, وبعد نهاية المحاضرة قام عضو مجلس إدارة النادي الأدبي الأستاذ بندر الصالح بتكريم المحاضر الدكتور عبدالعزيز الغزي, ومدير المحاضرة الأستاذ محمد الفيصل.
اضف تعليقا